الأحساء عراقة وأصالة

الأحساء  بأصالتها وعراقتها ضاربة في أعماق التاريخ ،حيث عاصرت حضارات يصل عمرها الى أربعة ألاف سنة قبل الميلاد ، وسكن أرضها العديد من الشعوب والأجناس المختلفة حيث كانت الأحساء من بين 15 مدينة خلال الألفية الميلادية من حيث عدد السكان واحتلت المرتبة  التاسعة من بين المدن بكثافة سكانية بلغت 110.000نسمة " مجلة  المجلة ديسمبر 1999) . وتختلف المصادر التاريخية في اسمها فالبعض يقول الاحساء والآخرون يقولون الحسا وهما من أصل واحد ، وأتفق المؤرخون على أن هذين الأسمين إنما أطلقا بسبب وفرة المياه الجوفية والعيون في المنطقة كما سميت بالبحرين وأطلق هذا الإسم على السهول المطلة على الخليج العربي من البصرة حتى مشارف عمان ثم اطلق عليها اسم هجر نسبة الى موقعها الجغرافي ووقوعها على الطريق الرئيسي بين اليمن والعراق.

 
وقد ارتبط التاريخ الاقتصادي بالأحساء وكما هو الحال في المناطق الغنية بالمياه " العيون الجوفية" وخصوبة التربة أرتبط بالزراعة وقيام نشاط زراعي واسع شمل زراعة مختلف المحاصيل كالأرز والذرة والخضروات وبعضا من الفاكهة ، الى جانب التمور ذات الجودة والشهرة مثل الخلاص والشيشي والهلالي والشهل وغيرها ، وبسبب وجود هذه الثروة الزراعية ولقربها من أماكن غوص اللؤلؤ الفاخر وتوسط موقعها بين مجموعة من مراكز الحضارات فقد كان لها دورا ملموسا في توطيد العلاقات التجارية والثقافية بين أهل الجزيرة العربية ووادي الرافدين والهند وآسيا ، وكانت همزة  الوصل في تبادل السلع والخبرات بين هذه الأقاليم ، كما أسهمت بعدد من الانجازات الرائدة ، ففي سهولها تم تدجين الجمل الهجين في القرن الخامس من الألف الثاني قبل الميلاد وفي شواطئها تمت المحاولة الأولى لصنع السفن واقتحام البحار.
 
وقد كان للأحساء دورا بارزا في نشر الحركة الأدبية والثقافية في الجزيرة العربية والأقاليم المجاورة لها ، بسبب وجود عدد من الشعراء والعلماء  كطرفة بن العبد وخاله المتلمس والمرقشين والمثقب العبدي وزياد الأعجم والصلتان العبدي وابن المقرب وجلند الهجري وعياش بن صحار والاخفش وغيرهم.
 
وفي القرون الخمسة الماضية على وجه الخصوص لعبت الأحساء دور محوريا في نشر المعرفة والعلم حيث انتشرت في مدنها الرئيسية المدارس والأربطة الخيرية ، من أهمها مدرسة القبة التي تأسست عام 1019هـ ورباط آل أبي بكر الملا ، وقد تخرج في تلك المدارس عدد كبير من العلماء أسهموا بنشاط وهمة في مجال التأليف والتدريس وشغلوا المناصب الدينية في الاحساء وأقطار الخليج ، وقد ظلت الأحساء تواصل هذا الدور الهام حتى ظهور مؤسسات التعليم النظامي في العصر الحديث.